فارس المدينة
عضـــــو جديـــــــد
نقاطي : 26337 سمعتي : 0 تاريخ التسجيل : 27/11/2009
| موضوع: ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ ، قصة للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج السبت نوفمبر 28, 2009 2:37 pm | |
| ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ قصة قصيرة من مجموعة ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج ـــــــــــــ خَارِجَ مَيْدَانِ الْمَحَطَّةِ تَقِفُ السَّيَّارَاتُ خِلْسَةً مُلْقِيَةً بِالرَّاكِبِينَ لِتَمْضِيَ مُسْرِعَةً مُلْتَفَّةً حَوْلَ الْمَدِينَةِ تَلْتَقِطُهُمْ ثَانِيَةً عَائِدَةً بِهِمْ إِلَى نُقْطَةِ الْبِدَايَةِ فِي رِحْلَةٍ يَوْمِيَّةٍ لا تَنْتَهِي 0 يَقْفِزُ عَدْنَانُ رَافِعًا صَغِيرَيْهِ فَوْقَ الْكَتِفَيْنِ مُتَأَبِّطًا الثَّالِثَ ، مُمْسِكًا زَوْجَهُ فِي يُسْرَاهُ ، هَابِطًا بِهِمْ فِي خِفَّةٍ فَوْقَ الرَّصِيفِ فِي سَلامٍ 0 ـ الْحَمْدُ للهِ وَصَلْنَا 0 ـ مَتَى تَشْتَرِي لَنَا سَيَّارَةً يَا أَبِي ؟ ـ قَرِيبًا يَا وَلَدِي ، قَرِيبًا 0 ـ أَنْتَ تَقُولُ ذَلِكَ مِنْ أَعْوَامٍ طَوِيلَةٍ 0 ـ يَا لَيْلَى يَا حَبِيبَتِي !! ـ لَوْ كُنْتُ حَبِيبَتَكَ مَا تَأَخَّرْتَ فِي شِرَائِهَا 0 ـ حَاضِرٌ يَا لَيْلَى ، الْعَامُ الْقَادِمُ 0 ـ الْعَامُ الْقَادِمُ ؟ ـ إِنْ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ 0 ـ لَكِنْ لِلصَّبْرِ حُدُودٌ يَا عَدْنَانُ 0 ـ وَمَاذَا أَفْعَلُ ؟ يَا اللهُ 0 ـ تَقِفُ هُنَا لا تَتَحَرَّكُ ، سَأَدْخُلُ هَذَا الْمَحِلَّ أَشْتَرِي مَلابِسَ وَأَحْذِيَةً جَدِيدَةً 0 ـ لا بَأْسَ يَا لَيْلَى لَكِنْ لا تَتَأَخَّرُوا 0 000000 000000 000000 رَائِحَةُ اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ تَمْلأُ رُوحَهُ فَائِحَةً مِنَ الْمَطَاعِمِ الْمُتَجَاوِرَةِ طُولَ الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَيْدَانِ الْمَحَطَّةِ ، وَالانْتِظَارُ امْتَدَّ سَاعَةً وَسَاعَتَيْنِ 0 فِي بُطْءٍ يَقْتَرِبُ مِنْ أَحَدِهَا مُتَرَدِّدًا يَخْشَى أَنْ يَخْرُجَ الصِّغَارُ فَلا يَجِدُونَهُ 0 خُطْوَةً خُطْوَةً يَقِفُ أَمَامَ الْمَحِلِّ مُسْتَسْلِمًا لِرَغْبَتِهِ الْجَامِحَةِ فِي تَنَاوُلِ اللَّحْمِ السَّاخِنِ 0 يَزْدَادُ الزِّحَامُ وَتَضِيقُ الشَّوَارِعُ وَتَبْرُقُ الأَضْوَاءُ مُبْهِرَةً تَكَادُ تَخْطَفُ الأَبْصَارُ 0 ضَاغِطَةً عَلَى كَتِفِهِ تُقَهْقِهُ سُهَيْلَةُ فِي ابْتِهَاجٍ غَيْرَ مُصَدِّقَةٍ أَنَّهَا تَرَاهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ عِجَافٍ مَرَّتْ عَلَى لِقَائِهِمَا الأَخِيرِ 0 خَمْسُ سَنَوَاتٍ مُمْتَلِئَةٍ بِالْبَهْجَةِ لَمْ يَفْتَرِقَا يَوْمًا ، ذَاقَا مَعًا حَلاوَةَ الْعُرْيِ حِينَ تَخْلَعُ الأَرْوَاحُ عَبَاءَتَهَا مُحَلِّقَةً فَوْقَ الأَجْسَادِ الْمُشْتَعِلَةِ آَخِذَةً فِي الصُّعُودِ نَحْوَ السِّدْرَةِ 0 يَفْتَحَانِ فِي جُنُونٍ أَبْوَابَ الْمُنْتَهَى دَاخِلِينَ فِي أَلَمٍ لَذِيذٍ لا يَنْتَهِي 0 يَضْرِبُ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، يَتَجَاوَزَانِ الشَّاطِئَ غَارِقَيْنِ فِي اللُّجَّةِ تَحْتَ الأَمْوَاجِ 0 ـ مَعْقُولٌ ، سُهَيْلَةُ حَمْدِي ؟ ـ نَعَمْ أَنَا يَا عَدْنَانُ 0 ـ أَيْنَ كُنْتِ أَيَّتُهَا الْجِنِّيَّةُ الْمَاكِرَةُ ؟ ـ بِلْ أَيْنَ كُنْتَ أَنْتَ ؟ ـ أَخَذَتْنِي الْحَيَاةُ بَيْنَ الضِّفَافِ بَعِيدًا يَا سُهَيْلَةُ 0 ـ أُعَرِّفُكَ بِزَوْجِي سَعِيدٍ وَأَخِيهِ سَعْدٍ 0 ـ أَهْلاً بِكُمَا 0 يَتَنَقَّلُونَ هَادِئَيْنِ مِنْ رَصِيفٍ إِلَى رَصِيفٍ يَدْفَعُونَ الزِّحَامَ الْمُتَزَايِدَ دُونَ جَدْوَى 0 هَامِسًا فِي أُذُنَيْهَا الرَّقِيقَتَيْنِ يُلامِسُ أَصَابِعَهَا مُبْتَسِمًا فِي تَرَدُّدٍ 0 ـ لِنَبْتَعِدْ قَلِيلاً عَنْهُمَا ، أُرِيدُكِ وَحْدَكِ 0 ـ لا يُمْكِنُنِي يَا عَدْنَانُ 0 يَنْسَحِبَانِ رُوَيْدًا يَدْخُلانِ فِي الزِّحَامِ تَتَشَابَكُ الأَصَابِعُ فِي ارْتِبَاكٍ ، يَبْتَعِدَانِ مُنْعَطِفَيْنِ إِلَى مَمَرٍّ مُظْلِمٍ ، يَسِيرَانِ مِنْ شَارِعٍ إِلَى آَخَرَ ، تَتَلاشَى الأَضْوَاءُ مِنْ بَعِيدٍ 0 000000 000000 000000 فِي الْمَرَّةِ الأُولَى حِينَ فَاجَأَتْهُ فِي حُجْرَتِهِ الضَّيِّقَةِ كَانَتْ تَبْكِي مُرْتَجِفَةً ، وَقَدْ وَضَعَتْ سَاقًا عَلَى سَاقٍ ، وَغَرَّدَتِ فِي الْحُجْرَةِ عَصَافِيرُ الرُّوحِ جَائِعَةً تَحُطُّ فَوْقَ عَنَاقِيدِ العِنَبِ الَّتِي تَدَلَّتْ مِنْ وَرَاءِ أَزْرَارِ قَمِيصِهَا الْوَرْدِيِّ ، فَكَانَتْ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى مِنْ شَفَتَيْهِ الْمُشْعَلَتَيْنِ 0 فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَتَحَتْ بَابَ حُجْرَتِهَا لَهُ دَاخِلاً جَسَدَهَا الْمَخْبُوءَ مُنْتَشِيًا مُمَدَّدًا تَحْتَ فِرَاشِهَا الْوَثِيرِ 0 فِي الْمَرَّةِ الْعَاشِرَةِ كَانَا يَبْحَثَانِ عَنْ عُصْفُورٍ فَرَّ مِنَ النَّافِذَةِ الْحَدِيدِيَّةِ وَلَمْ يَعُدْ 0 فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ اكْتَمَلَ الْقَمَرُ وَالْتَفَّتْ حَوْلَهُ النُّجُومُ لامِعَاتٍ ، فَقَرَّرَ أَنْ يُغَادِرَ فِرَاشَهَا رَاضِيَةً تَبْحَثُ عَنْ حُلْمٍ لا يَجِيءُ 0 ـ يَا اللهُ يَا سُهَيْلَةُ عَشْرُ سَنَوَاتٍ مَرَّتْ مُسْرِعَةً دُونَ أَنْ أَرَاكِ 0 ـ الْيَوْمُ لَنَا يَا عَدْنَانُ ، لِنَعُدْ إِلَى الْبَيْتِ 0 ـ لَنْ أَتْرُكَكِ ثَانِيَةً 0 ـ أَنْتَ حُلْمِي الَّذِي ضَاعَ وَلَنْ يَضِيعَ 0 يَمْضِيَانِ مُنْتَشِيَيْنِ مِنْ حَارَةٍ مُظْلِمَةٍ إِلَى حَارَةٍ وَقَدْ تَجَمَّعَ الصِّغَارُ حَوْلَ كُرَةٍ 0 يَجْرِي الصِّبْيَانُ وَرَاءَهُمَا بِالْحِجَارَةِ يَهْرَبَانِ إِلَى رَصِيفٍ بَعِيدٍ 0 تَخْرُجُ الأَشْبَاحُ مِنْ رُوحِهِمَا مُطَارِدَةً ظِلَّهُمَا مُمْسِكَةً يَدَيْهَا فِي ذُهُولٍ 0 تَشُدُّهَا صَامِتَةً لِلرَّصِيفِ الْمَكْسُورِ مُتَدَحْرِجَةً بَيْنَ أَقْدَامِ الصِّغَارِ مُقَهْقِهِينَ 0 تَغِيبُ مَلامِحُهَا الْبَاهِتَةُ بَيْنَ وُجُوهِ الْعَابِرِينَ غَيْرَ مُتَجَاوِزِينَ زِحَامَ الْمَدِينَةِ 0 000000 000000 000000 يَدْخُلُ شَارِعًا مَسْدُودًا ، تَهْتَزُّ الأَوْرَاقُ فَوْقَ أَغْصَانِ الأَشْجَارِ الْمُتَشَابِكَةِ ، تَصْطَدِمُ الأَبْوَابُ الْحَدِيدِيَّةُ فِي الْجُدْرَانِ الأَسْمَنْتِيَّةِ فِي ضَوْضَاءَ مُتَدَاخِلَةٍ ، يَنْبُحُ كَلْبٌ مَنْفُوخٌ مُطَارِدًا سِرْبَ قِطَطٍ سَمِينَةٍ 0 يَتَرَاجَعُ عَدْنَانُ لا يَدْرِي أَيْنَ تَحْمِلُهُ قَدَمَاهُ فِي مَتَاهَةٍ لا يَلْتَقِي طَرَفَاهَا 0 تَتَّصِلُ الشَّوَارِعُ وَالْحَارَاتُ تَتَقَاذَفُ رِجْلَيْهِ الْمُصْطَدِمَتَيْنِ فَوْقَ الأَرْصِفَةِ 0 تَنْهَمِرُ الأَمْطَارُ غَزِيرَةً غَاسِلَةً أَوْجَاعَ الْبُيُوتِ الْحَزِينَةِ تُبَلِّلُ ثِيَابَهُ ، مَأْخُوذًا يُسْرِعُ مُخْتَبِئًا تَحْتَ سَقْفِ شُرْفَةٍ مُمْتَدَّةٍ 0 يَخْتَفِي الْمَارَّةُ قَافِزِينَ دَاخِلَ الْعَرَبَاتِ الْمُنْطَلِقَةِ قَاطِعَةً دَفْقَ الأَمْطَارِ 0 كَرَجُلٍ يَخْلَعُ عَبَاءَتَهُ الْقَدِيمَةَ الْمُغْبَرَّةَ تَبْدُو الأَرْصِفَةُ الْمُبْتَلَّةُ ثَائِرَةً تَدْفَعُ بَلاطَهَا الْمَكْسُورَ 0 وَحْدَهُمَا عَدْنَانُ وَالرَّصِيفُ الثَّائِرُ عَلَى أَقْدَامِ الْعَابِرِينَ يَهْرَبَانِ مِنَ الشَّوَارِعِ الْمُظْلِمَةِ 0 ـ أَيْنَ أَنَا ؟ لا بُدَّ أَنَّهُ كَابُوسٌ دَفَعَ بِهِ ذَلِكَ اللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ وَالْخُبْزُ السَّاخِنُ وَالْفَاكِهَةُ الطَّازَجَةُ 0 كَيْفَ أَصِلُ إِلَى مَيْدَانِ الْمَحَطَّةِ ؟ فِي يَأْسٍ يَشْعُرُ بِالتِّيهِ ، يَظُنُّ أَنَّ رَأْسَهُ الْكَبِيرَ قَدْ سَقَطَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ، يَسْتَسْلِمُ لإِعْيَاءٍ يَزْحَفُ إِلَى بَقَايَا أَعْضَائِهِ الْمُرْتَعِشَةِ 0 ـ كَابُوسٌ ثَقِيلٌ لا يَنْتَهِي 0 تَبْدُو السَّيَّارَاتُ مِنْ بَعِيدٍ كَسَرَابٍ لا يَكَادُ يَصِلُ إِلَيْهَا حَتَّى تَخْتَفِيَ 0 مَحْمُولاً فَوْقَ الرَّصِيفِ الثَّائِرِ يَلْمَحُ لَيْلَى جَالِسَةً جِوَارَ صِغَارِهِ دَاخِلَ عَرَبَةٍ مُسْرِعَةٍ 0 ـ لَيْلَى ، أَوْلادِي !! مُخْرِجًا بَقَايَا أَنْفَاسِهِ يُسْلِمُ سَاقَيْهِ لِلرِّيحِ وَرَاءَ الْعَرَبَةِ قَاطِعًا شَوَارِعَ الْمَدِينَةِ الْمُظْلِمَةَ تَحْتَ الأَمْطَارِ هَارِبًا مِنْ أَشْبَاحِهَا دُونَ هَوَادَةٍ 0 تُطَارِدُهُ فِي إِصْرَارٍ ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ فِي جُنُونٍ 0 ــــــــ قصة قصيرة من مجموعة ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج مصر ـ طنطا ـ محلة مرحوم ـــــــــــــ | |
|
ŠŁǾǿǾђ
صاحــب الموقـــع
نقاطي : 28924 سمعتي : 4 تاريخ التسجيل : 05/07/2009 العمر : 30 الموقع : في قلب من يحبني
| موضوع: رد: ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ ، قصة للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج الإثنين نوفمبر 30, 2009 11:14 am | |
| مشكووور والله ابدعتنا بهالقصه وكاتبها لك مودتي | |
|
hyoon
اداره المنتــــــدى
نقاطي : 29783 سمعتي : 3 تاريخ التسجيل : 05/07/2009 العمر : 606 الموقع : http://9raam.tk
| موضوع: رد: ثَوْرَةُ الرَّصِيفِ الَّذِي خَلَعَ عَبَاءَتَهُ ، قصة للشاعر الكبير الدكتور / عزت سراج الخميس يوليو 01, 2010 12:20 pm | |
| يعطيك العافيه ع طرحك المميز وشكرا لاعدمانك | |
|